الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الفنان التشكيلي نبيل الدريدي في معرضه برواق سالادين: هـذه الـمديـنة قـطـعـة مـنـي...

نشر في  19 جانفي 2016  (14:58)

المدينة الحلمة-الحلمة المنشودة... يعيّشكم، صوّرلي إنسان؟

إنطلق المعرض الثاني للفنان التشكيلي نبيل الدريدي برواق "سالادين" بمنطقة سيدي بوسعيد ويتواصل إلى يوم الأحد من آخر الشّهر.

"يعيّشكم، صوّرلي إنسان"... على غرار مطلب الأمير الصّغير في رواية سانت إكسيبوري بأن يرسم له خروفا، صدّر نبيل الدريدي مجموعته الفنية بذات المطلب مع تعديل في المضمون والتلاعب بضمائر الخطاب، فبدا الخطاب في ظاهره موجّها للجمع في حين أنّ الطّلب المحدّد للعيان بفعل الرّسم معني به فرد واحد، وهذا الفرد مطالب برسم إنسان، أو ليس الفنّ نرجسيّ الهوى والمشرب؟

حين تدخل غاليري "سالادين" تجد نفسك وكأنّك تعود إلى رحم أمّك، إلى البيت الصّغير الدافئ بالحكايات والضحكات والألوان. يشعرك بحميمية خاصة تتماهى وموضوع لوحات الدريدي.

يقول نبيل الدريدي متحدثا عن معرضه : "لقد استغرق منّي هذا المعرض سنتين من العمل والتّحضير.. أردت أن أستوفي الموضوع حقّه عليّ أن لا أشحن كلّ عناصره والأفكار التي تحوم حوله وأضعها في لوحة واحدة فيكون العمل غير واضح ويصبح ضربا من المسخ، كمن أراد أن يتحدّث عن كلّ شيء في منتج واحد لينتهي بأن لا يقول شيئا".

المدينة التي يعرضها نبيل الدريدي في لوحاته هي مفصل من كلّ، كأعضاء الجسد الواحد، لكنّها تتكاثف وتتوالد وتتناسل الواحدة من الأخرى دون أن تكرّر نفسها وإن تشابهت في هيكلها الخارجي.

ينطلق الدريدي من أنموذج المدينة العتيقة بأقبيتها ومآذنها وكنائسها مقحما بين اللوحة والأخرى تلك الأبنية العمودية التي تخترق الإنحناءات والتجويفات بشيء من التعسّف أو لنقل الإقحام الحضاري وتزاوج الثقافات، وتجاور شكلين معماريين متقاطعين.

ورغم اقامته بباريس، تحضر المدينة بطابعها التونسي وبتفصيلاتها الميكروسكوبية، فمن يسطو على من؟ ومن يحمل من؟ وفي هذا السياق، يعترف الرسام بعيون طفل أمسكته أمه متلبّسا بعشقها: "إذا أردتم أن تقتلوني فأخرجوني لمدة نهارين برّة من المدينة.. المدينة هاذي، قطعة من بدني، هي صبعي، هي يدي، هي كلّي".

وهنا نوجه الدعوة لزيارة هذا المعرض الذي سهر على تنفيذه فنّان مسكون بـ"المدينة الأنثى"، فنّان ملآن بالهشاشة وبالتأرجح على حبل الشك والتساؤل والمهووس بمشروعه الفنّي الذي يتابعه بحذر وصلابة السّاموراي.

نبيل الدريدي أيها الفنّان-الإنسان، شكرا بارشا.

متابعة فاطمة بوصوفة